من بعيد ومن قريب ..!!

يحكي احد الكتاب الامريكين
كنت جالساً يوماً في حديقتي ، مسترخياً على الكرسي اتأمل المنظر امامي .. متظاهراً بمطالعتي لأحد الكتب .. الجو جميل .. ومن خلفي أسمع صوت ابني وابنتي يلعبان معاً .. فجأة ..

سمعت صرخة من ابني .. بعدها بلحظة صرخت ابنتي تشتكيه .. رد عليها هو بشتمها .. ثم سمعت صوت ضربة ..
وصرخت ابنتي مرة اخرى .. يحكي هو : في مكاني كنت أشعر بالغضب الشديد .. لقد حذرته مليون مرة من أن يضرب اخته .. يدي كانت ترتجف من الغضب .. وأنا أفكر أن أنهض وأصفعه أو أعاقبه عقاباً تظل ذكراه معه طيلة حياته ..!!
لا أدري لم هذه المرة لم أستعجل بل حاولت أن اهدىء من نفسي .. تنفست بهدوء .. انتظرت دقائق الى أن أحسست أني هدأت قليلا .. فجأة خطر على بالي شيء كنت قد نسيته ..!!
عادة ابنتي حين يضربها أخوها ، تصرخ واصفة إياه بالجبان ..!!
لكن هذه المرة لم تفعل .. لم ياترى ..؟!!
أخذت نفساً عميقاً آخر ونهضت لأرى ماذا يحدث .. حين اقتربت منهم ورأوني .. انفجروا ضاحكين .. كان كل هذا مجرد مسرحية قاموا بها ليشاهدوا ردة فعلي ..!!
* * *
لو نهض بول سريعاً قبل أن يهدأ ويفكر .. ياترى ماذا كان ليفعل ..؟!
بالتأكيد كان ليعاقب ابنه ثم حين يعرف أن الموقف كان مجرد مشهد .. سيعاقب كلا الطفلين .. ثم سيعود ليجلس في مكانه .. دقائق ثم سينهش الندم قلبه .. حتى يأتي عليه كله .. لكن بعد ماذا ..!!
في أوقات كثيرة تقابلنا مواقف .. مواقف مصيرية .. مواقف مع أشخاص .. مواقف مع شركاء حياتنا ..
أحداث تخرسنا .. تصدمنا .. تكون أقوى من قدرتنا على احتمالها في ساعة الصدمة ..
فنقدم على تصرف نرى وقتها أنه الصواب والأسلم .. لكن بعد دقائق .. أو ساعات .. وربما أشهر نتمنى لو خسفت بنا الأرض ولم نقدم على ذاك القرار ..
فكر .. الآن هل تتذكر كلمة خرجت منك .. تصرفاً قمت به .. أو حتى نظرة لاشعورية .. وكيف أنك الآن تتمنى لو حصلت على آلة الزمن من أجل تغييرها .. حتى لو كان من أمامك لم يلق لها بالاً .. لكنك أنت تريد نزع تلك اللحظة من حياتك ..
لسوء حظنا جميعاً الماضي لا يمكن محوه .. بل البناء فوقه لنضع بجانب الشكل السيء مناظر جميلة تجعل ذاك القبيح لا يضهر من بينها ..
أما الحاضر والمستقبل .. فذاك كله بيدك ..
لكن لم ياترى نندم على ذاك التصرف .. ونحن قمنا به بكامل إرادتنا .. بل وعقولنا قد أجازته لنا ليخرج .. فكيف حصل هذا ..!!
وقت ذاك الموقف .. انت ( قريب ) تعيش داخل الموقف لاترى منه إلا الجهة السيئة التي تسيء إليك .. فيجعلك هذا تقدم على ذاك التصرف كنوع من الحماية لنفسك ..
حين تزول عنك الضغوط .. وتتحرر من كل شيء .. ( تبتعد ) نظرتك ترى موقفك من كل زواياه .. تشاهد التفاصيل الدقيقة التي ربما لم تنتبه لها من قبل ..
وقتها تعرف حقاً أن تصرفك المستعجل .. لم يكن ليناسب موقفك الذي خضته ..!
كيف نجتنب هذا ..؟
دعونا نحاول أن نشارك بعضنا قليلاً من الاسرار في هذا المجال ..
* حاول في المواقف التي حقاً هي صادمة ، أن تؤجل قرارك أو تصرفك .. مهما بدا لك صائباً وقتها .. إلا أنك اجله .. وانتظر فقط حتى تزول آثار الصدمة .. ثم بعدها افعل ماشئت ..!
* إن لم تستطع أن تضبط اعصابك .. وفعلت شيئاً لم يكن كما تريد .. فاحرص دائما أن تراجع مافعلته تحدد مكامن الخطأ فيه .. ثم اعتذر عن كل شيء سببته .. سيعذرك الجميع بسبب صدمتك ..
* جرب أن تصنع لك خيالك الخاص فيما يتعلق بالمواقف التي قد تتعرض لها أنت شخصياً .. وفي هذه الخيالات .. اضبط تصرفاتك .. وأجد آلية التصرف .. وستجد نفسك إن وقع لك مثل ذاك الموقف .. تجيد التجديف فيه حتى تخرج من أمواجه ..
* جرب الانسحاب .. فور تعرضك لذاك الموقف .. اخرج غادر المكان دونما أي كلمة .. ابتعد عن أي شيء .. واجلس لوحدك .. حتى تهدأ عواصف مشاعرك .. وتبدأ بالتفكير المنطقي والصحيح فيها .. سيعذرك الجميع صدقني ..
ولاشيء حقاً سينقذك إلا إجادتك ترويض مشاعرك الثائرة .. لا أعني كبتها .. فكبت المشاعر مرض لا أحد يتمناه لنفسه ..
لكن أن تجيد ترويضها .. وإحاطتها بسياج التعقل ..
متأكد انكم جميعاً لديكم طرق ربما تساعد الشخص أن يتعقل .. حتى يفهم الموقف .. وأنا بانتظار أن تشاركوني إياها ..

لفتة أخيرة ..
ليكون دوماً شريكك في كل مواقفك قول الشاعر :
قد يدرك المتأنى بعض حاجته ويكون مع المستعجل الزلل

تسلمممين قلبووو